درس المؤلفات ظاهرة الشعر الحديث - غلب التفكير على الوجدان و الشعور - قصيدة"الحبيب" غلب فيها المنطق العقلي على ما هو وجداني داخلي. - تعامل مع الأشياء تعاملا مباشرا أساسه الانفعال المباشر دون تدخل من العقل أو توغل في أعماق النفس - المعاني جزء من النفس تدرك بالقلب لا بالعقل،مما أنتج لديه شعر الاستبطان و استكناه أغوار الذات - لا مجال لمحاولة التحرر من الفساد - الصلاح و الطلاح شيء واحد، ووجودهما ضروري كوجود الليل و النهار. - هرب بأحلامه إلى الغاب. - قدم عن المجتمع المتحضر صورة حافلة بالضجيج و الاحتجاج و الخصومة. - فر من الحضارة المعقدة إلى القفر أو إلى الغاب. - عاد إلى نفسه ليتأسى روحيا. لكن المدينة العربية فقدت كثيرا من مظاهر أصالتها، حين غزتها المدينة الأوربية، فأضحت بمصانعها الحديثة و عماراتها الشاهقة و طرقاتها الفسيحة، قالبا لا يناسب واقع الأمة العربية المهزومة مما غذى إحساس الشاعر العربي الحديث بالغربة في علاقته بالمدينة مكانا و ناسا وقيما و أشياءَ، فكان أن سلك في تصوير هذه المدينة طرقا متعددة، فقد صورها في ثوبها المادي و حقيقتها المفرغة من كل محتوى إنساني، كما فعل أحمد عبد المعطي حجازي في ديوانه (مدينة بلا قلب).كما اهتم الشاعر العربي الحديث بالناس في المدينة، فقدمهم صامتين يثقلهم الإحساس بالزمن، مشغولين بأنفسهم، لا يكاد يلتفت الواحد منهم إلى الآخر. و رغم هذه المواقف السلبية من المدينة فإن الشاعر الحديث لم يستطع الهروب منها إلى الريف أو الغاب، كما فعل الرومانسيون، فقد وجد أن المدينة تحاصره، كما عند السياب مع بغداد، إذ وجد أن الخلاص منها يكمن في الموت، كما عند صلاح عبد الصبور في قصيدة (الخروج).
كان موقف أدونيس من الواقع العربي المنهار هو موقف الرافض للموت، لذلك كان في شعره اتجاهان: · اتجاه ينطلق من الحيرة و التساؤل، و البحث عن وسيلة للبعث. · اتجاه ينطلق من اكتشاف مفهوم التحول بصفته وسيلة لدفع الواقع العربي نحو البعث و التجدد. و الاتجاهان معا متكاملان منسجمان مع موقف احتقان الذات بفحول التاريخ العربي و إمكانية البعث، و بإمكانية التحول التي تدور حولها معاني الحياة و الموت عند أدونيس. لقد كان المنهج الأسطوري بارزا جليا في شعر أدونيس ، عكس مفهوم التحول الذي انفلت من إطار هذا المنهج أحيانا، ليؤسس عالما شعريا لا نهاية فيه للعمليات الكيميائية بين عناصر الذات و الأشياء، و الروح و المادة و الحياة و الحصاد، من أجل أن يتحقق النصر الكامل للحياة، مما جعل شعر أدونيس أقل ارتباطا بحركة التاريخ العربي، إذ أمعن في تخطيها و تجاوزها طمعا في إقامة حوار غريب مع زمن لم يجئ بعد. و يرى أحمد المجاطي في تجربة الشاعر خليل حاوي، تجربة عظيمة قائمة على التوافق بينها و بين حركة الواقع في حقبة من تاريخ الأمة العربية، و على قدرته على تجاوز ذلك الواقع و تخطيه، و على معاينة ملامح الواقع المرعب المنتظر. لقد عمل السياب على استثمار الإطار الأسطوري ليحول الموت إلى فداء، ليجعل الفداء ثمنا للموت، كما فعل في قصيدة " المسيح بعد الصلب " مثلا حين استخدم رمز المسيح للتعبير عن فكرة الخلاص. و يرى الكاتب أن إدراك السياب لجدلية الحياة و الموت، و تحويل الموت إلى فداء، قد يكون له علاقة بمزاجه، أو التركيب الغريب لعقله الباطن، و يقر الكاتب أن السياب عرف كيف يفيد من ذلك في تتبع معاني الحياة و الموت على مستوى الواقع الذاتي و الحضاري. 1. منحنى الأمل : و فيه انتصار ساحق للحياة على الموت، و تمثله الأعمال الشعرية التالية : ( كلمات لا تموت / النار و الكلمات / سفر الفقر و الثورة )، إذ يظهر الشاعر مناضلا يعيش الأمل لصالح الحياة، فيغدو السقوط حياةً و الهزيمة انتصارا و الموت حياةً. 2. منحنى الانتظار: و فيه تتكافأ الحياة مع الموت و يمثله ديوان (الذي يأتي و لا يأتي )و فيه أربعة خطوط هي: خط الحياة و خط الموت و خط الاستفهام و خط الرجاء و التمني. 3. منحنى الشك: يتم فيه انتصار الموت على الحياة، و يمثله ديوان (الموت و الحياة)، و هو يكشف زيف النضال العربي، لأنه لا موت بدون نضال و لا بعث بدون موت. يصل الكاتب إلى حكم مفاده أن قدرة البياتي على كشف الواقع هي سبب اهتمامه بالموت، و أن اهتمامه بالحياة مصدره إيمانه بالثورة، و الصراع بين الحياة و الموت. و أنه من كل ذلك تفجرت صور الأمل و اليأس و صور القلق و الانتظار. 1. عامل ديني قومي: الخوف مما يمكن أن تمثله هذه التجربة من تطاول على التراث باسم الشعر. 2. عامل ثقافي: وقوف جماعة من الشعراء و النقاد في وجه ما هو جديد. 3. خوف الحكام من المضامين الثورية لهذه التجربة، مما جعلهم يلجأون إلى المصادرة و المنع و السجن و النفي. و لأن الشكل الفني ليس قالبا أو نموذجا أو قانونا ، بل هو حياة تتحرك أو تتغير، فقد حرص الشاعر العربي الحديث على تجاوز الشكل القديم، فأقام بناءً من التحولات التي خلخلت العناصر الأساسية للشكل الشعري، مثل اللغة و الإيقاع و التصوير... و هي تحولات كان لها أثر كبير على سياق القصيدة و بنائها العام أيضا. فما التحولات التي رأى المجاطي أنها أصابت عناصر الشكل الشعري في القصيدة العربية الحديثة ؟ . · النفس التقليدي في لغة الشعر الحديث: لغة جزلة و عبارة فخمة و سبك متين، على غرار الشعر القديم ، وتبدو هذه الخاصية عند السياب في دواوينه القديمة و المتأخرة، خاصة قصيدته " مدينة بلا مطر" و قصيدة " منزل الأقنان" . · البعد عن لغة الحديث اليومية: كما عند أدونيس و البياتي و محمد عفيفي مطر و صلاح عبد الصبور...، إذ تبتعد لغة الشعر عندهم عن لغة الحديث الحية بعدا يمنح مفرداتها قيما و دلالات مغايرة لما تحمله في الاستعمال الشائع. · السياق الدرامي للغة الشعر الحديث: كما نجد عند محمد مفتاح الفيتوري في قصيدته " معزوفة لدرويش متجول" إذ يشغل لغة درامية متوترة نابعة من صوت داخلي منبثق من أعماق الذات، و متجها إليها. و لعل تجاوز الشاعر للصورة البيانية قد ساهم في إبعاد تجاربه الشعرية عن دوق عامة الناس، مما منحهم نوعا من التبرير لوصف الشعر الحديث بالغموض. لقد وجد الشاعر نفسه، قديما، متقبلا خاضعا لقيود صرامة البيت و سياقه الهندسي، مما عطل تطور نظام موسيقى الشعر حتى أواخر العقد الخامس من القرن العشرين، حيث تحققت تطورات في الإطار الموسيقي للقصيدة العربية منها: · تجاوز نظام الشطرين لصالح السطر الشعري. · السطر الشعري قد يطول و قد يقصر بحسب ما يتضمن من نسق شعوري أو فكري. · طول ذلك السطر قد يتراوح ما بين تفعيلة واحدة و تسع تفعيلات. · إذا كان عدد التفعيلات في أية قصيدة تراثية محدداً و محصوراً تتوزعه الأعجاز و الصدور، فإن التفعيلات في القصيدة الحديثة تمثل عدداً لا يحيط به الحصر. · ينظم الشاعر الحديث على ستة بحور هي المعروفة بالصافية و هي: الهزج (مفاعيلن)، و الرمل (فاعلاتن)، و المتقارب (فعولن)، و المتدارك (فاعلن)، و الرجز (مستفعلن)، و الكامل (متفاعلن). · أصبح بمقدور الشاعر أن يستخرج من البحر الواحد أكثر من بناءٍ موسيقي واحدٍ. · امتاز نظام التفعيلة بالمرونة و الطواعية. · الخلط بين البحور داخل قصيدة واحدة، في محاولة لتفتيت وحدة البيت فيها، كما عند السياب في قصائده من ديوان " شناشيل ابنة الجلبي"، و أدونيس في قصيدة" مرآة لخالدة" من ديوان " المسرح و المرايا". يرى أحمد المجاطي أن البحور المختلطة رغم ما تتوفر عليه من طاقات موسيقية كبيرة فهي لم تستغل لأسباب منها: 1. مسألة الزحاف : تولد إحساسٌ بالرتابة و الملل ناتج عن اعتماد التفعيلة كوحدة إيقاعية ثابتة، و لتكسير حد القافية و منحها مزيدا من التنوع و التلوين، لجأ الشاعر الحديث إلى الإكثار من استعمال الزحاف، فكان أن حصل الشاعر على أكثر من إيقاع من دون أن يلجأ إلى البحور المختلطة. 2. تنويع الأضرب : بهدف التنويع في الإيقاع و التلوين في النغم، عمد الشاعر الحديث إلى: · توظيف تفعيلات تعود إلى أصل واحدٍ، كما في أبيات عبد الصبور ( مستفعلن ). · تنويع الأضرب دون الاكتراث بقيود القافية. · إدماج بعض البحور المتشابهة في بحر واحدٍ، مثل: الرجز و السريع. 3. فاعل في حشو الخبب : تظل مسألة تنويع الأضرب و القافية تلوينات مقبولة و ملتزمة بقوانين علم العروض، إلا أن الخروج عن هذه القوانين يتمثل في استعمال (فاعل) بدل (فاعلن) في حشو بعض أبيات الشعر الحديث، و هو خروج أصبح متفشيا في كثير من قصائد الشعر المعاصر الجديد، و مستساغا من قبل " الرأي العام" على حد تعبير كل من محمد النويهي و عز الدين إسماعيل. 4. مسألة التدوير : إن حركة المشاعر و الأفكار و الأخيلة قد تأخذ شكل دفقة تتجاوز، في اندفاعها، حدود الشطر أو البيت الشعريين، مما نتج عنه نتيجتين: · الأولى: تبرز في التعبير عن الدفقة دون الوقوع في التدوير، و بالتالي اللجوء إلى استعمال تفعيلة خماسية أو تساعية كما ورد عند نازك الملائكة و خليل حاوي. · الثانية: و تظهر في اتساع الدفقة الشعورية و بالتالي الوقوع في التدوير الذي يتخلص من صرامة البيت ذي الشطرين و من انتظامه في نسق هندسي رتيب.
إن أبعاد قضية الاغتراب و الحزن في شعرنا العربي الحديث تدور كلها حول موقف الذات الواعية من الكون و من المجتمع و من نفسها . و هي في محاولتها التوازن تبحث عن كل وسيلة، تبحث عن الموت نفسه، كما تبحث عن الجنون، فإن عز منالها فإنها تبحث عن الحب، و لكن الحب نفسه يكون قد مات مع فقدان القدرة عليه، فلا يبقى إلا الضياع. و الحق أن نزعة الاغتراب و الحزن في شعرنا الحديث قد أضافت إلى التجربة الشعرية بعامة آفاقا جديدة زادتها ثراءً و خصباً، كما أنها ولدت طاقات تعبيرية لها أصالتها و قيمتها . كانت بواعث الشعراء الوجدانيين في هذا السياق تتمثل في التحرر من الرؤية التقليدية في التعامل مع اللغة العربية بالتراث الشعري و النثري. فإذا كانت بواعث الإحياء موضوعية مرتبطة بالبحث عن مخرج من وهاد التخلف التي آل إليها الأدب العربي عموما في عصور الانحطاط، فإن بواعث الشعراء الوجدانيين ذاتية تهم اختيار أنسب الوسائل اللغوية للتعبير عن حقيقة الذات و جوهرها دون تكلف أو تقليد. و تبدو قضية الرؤيا مرتبطة بمدى تأثير القصيدة الحديثة على المتلقي العربي، هذا التأثير الذي كان ضعيفا لأن الصلة بين هذا الشعر و القارئ العربي لم تكن موصولة لدواعٍ سياسية و دينية و قومية. لقد دافع المجاطي عن التطوير الشامل، لكنه ظل معتدلا في تناوله لبعض الجوانب مثل : · اللغة الشعريــة: التي أكد أنها لا ينبغي أن تكون مماثلة للغة اليومية، لأن ذلك سيجعلها أكثر اقترابا من السطحية. · موسيقى الشعر: رفض المجاطي اعتبار الشعر الحديث ظاهرة عروضية ، و أكد أن ما أصبح يتحكم في هذه الموسيقى هو الدفقة الشعورية التي توجه الجمل الشعرية و الأسطر الشعرية و الأبيات. · الصور البيانية: عرفت تطورا مهما باعتمادها الرموز و الأساطير، و لم تعد مجرد صور جزئية متفرقة، بل غدت صورا مرتبطة بالقصيدة كلها ، وبشعر الشاعر ككل. و لأن الجهاز المفاهيمي في كتاب " ظاهرة الشعر الحديث" للأستاذ أحمد المجاطي ، جهاز متشعب ، يستحيل جرد كافة مفاهيمه، في مقاربة مثل هاته، فسنكتفي باستخراج المفاهيم المحورية و الأكثر إفادة في دراسة الكتاب، و التي يمكن أن نذكر منها: * لغة القصيدة. * صور القصيدة . * بناء القصيدة . * موسيقى القصيدة. إن الغربة التي أحس بها الشاعر الحديث ناتجة عن إحساسه بأنه يعيش وسط أبناء جنسه غريبا عنهم، إنه اغتراب عن مجتمع انعدمت فيه القيم . و الشاعر الحديث، إذ يشعر بالاغتراب عن منابع ذاته الحقيقية، يشعر في الوقت نفسه بالخيبة و الألم ، فينمو لديه شعور حاد برفض النظام الذي يسير عليه العالم، وبرفض نفاق العصر و مجتمع الحياد و اللامبالاة، مجتمع الأوهام و الحقائق المزيفة و العلم الميت. و من تم يجد الشاعر نفسه عاجزا عن توكيد ذاته في الديمومة أو التاريخ . إنه يتحرك في زمن جزئي متقطع يسحقه و يبعثره. لذلك فالشعر عنده يبقى خيمة مسكونة بالحسرات، و فضاءً مملوءاً بالتجاويف و صدإِ الغيثِ. |
مؤلف ظاهرة الشعر الحديث
dimanche 9 octobre 2011
ملخص مؤلف ظاهرة الشعر الحديث
Inscription à :
Articles (Atom)